
أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرش تثخذ ضظغ
أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرش تثخذ ضظغ ليست تعويذة كما يظن البعض بل أول خريطة لغوية كونية رسمها الإنسان لفهم سر الحرف والعدد والكون
إنه الترتيب الأبجدي الأول لجدول حساب الجمل الذي بدأ من الحضارة الفينيقية منذ ١٢٠٠ عام قبل الميلاد
ولم يكن مجرد نظام للكتابة بل كان نظامًا اجتماعيًا وروحانيًا كاملًا يدير المدن ويضبط إيقاع البحر والحرب والزراعة والميلاد والموت
في قلب هذا النظام ظهر الاسم الأقدم للإله الأعلى في اللغات السامية
إيل
لم يكن أبًا للآلهة فقط بل كان فكرة الأصل الأول الوعي الكلي الذي لا يتجسد يشبه الفضاء الذي يحكم كل حركة دون أن يُرى أو يُمس
كان أقرب إلى التوحيد الفلسفي منه إلى العبادة الشعبية
لم يُنظر إليه ككائن يجلس في السماء بل كقوة خلف النظام كله
هو الذي يحدد دورة الحياة
هو الذي يمنح القوة لبعل
وهو الذي يوجّه دورة الموت والخصب
قانون يحكم به العواصف والبحر والرياح
لم يُعبد مباشرة لأنهم اعتبروا أن الاتصال به يمر عبر ملائكته
وهي الآلهة الصغيرة في النقوش
قوى نورانية تعمل تحت أمره
لم يكونوا يطيعونها بل يطيعونه هو
وكانت هذه القوى شريكة للفينيقيين في التجارة والبحر
يقدمون لها القرابين باسم الإله الأعلى إيل كي تحفظ الرحلة وتبارك البحر
اسم إيل بقي ثابتًا في كل النقوش
إيل رب البحر
إيل رب السماء
إيل والد الآلهة
وهو الجذر الذي انتقل للعبرانية إلوهيم وللسريانية إلوها وللعربية الله
انتقال لم يكن صدفة لغوية بل حركة روحية من طبقة كهنوتية فلسفية إلى طبقة دينية تشريعية مع الأنبياء
هل كان الفينيقيون موحدين
ليس توحيدًا شرعيًا
بل توحيدًا فلسفيًا
إله واحد
تحت مظلته وجوه وظلال وقوى
قبل ظهور الحروف كان الفينيقي يرى العالم كتابًا مكتوبًا بالرموز
الثور قوة
البيت روح
البحر حركة
الجمل صبر
والإنسان احتاج طريقة ليقبض على هذه القوى ويحوّلها إلى شكل
وهكذا ولد الحرف
الألف رأس ثور
الباء بيت
الجيم جمل
الدال باب
حين كان الرمز يتحول إلى شكل ثم إلى صوت ثم إلى أداة كتابة
العرب ورثوا هذه الرموز دون أن تتغير جذورها
بعد ولادة الحروف ظهر السؤال الذي غيّر التاريخ
كيف نعرف قوة الكلمة
كيف نعرف أن كلمة الحياة أقوى من كلمة الموت
أن اسم الإله أرفع من اسم الإنسان
أن الدعاء أقرب من اللعنة
هنا وُلد العدد
الفينيقي لم يخترع الرقم ليعد البضائع فقط
بل ليقيس طاقة الحرف
لذلك أعطى لكل حرف وزنًا
ألف واحد
باء اثنان
جيم ثلاثة
حتى عشرة
ثم بدأ مضاعفات العشرة
ثم المئات
هكذا أصبحت الحروف ثلاث دوائر
دائرة الخلق
دائرة الامتداد
دائرة القوة
وهكذا وُلد جدول حساب الجمل
ليس كرياضيات بل كميزان
الكلمة التي تستقيم قيمتها كانت تُعتبر كلمة قوية
والكلمة الناقصة يعاد ترتيبها
الكلمة عندهم لم تكن أصواتًا بل معادلة
سفينة لا تحمل كلمة موزونة لا تعود من البحر
وهكذا صار الجمل أداة وجود لا أداة حساب
بقي هذا النظام آلاف السنين لأنه بسيط وعميق
جمع الشكل والصوت والعدد في جسد واحد
انتقل للآرامية ثم العبرية ثم العربية دون أن يتغير
وصار أساس علم الجفر والهندسة المقدسة للحروف
الفينيقي لم يختر الحروف لأن شكلها جميل
بل لأن كل حرف قوة
قوة في الطبيعة
قوة في النفس
قوة في الروح
ومن هذا النظام وُلدت كل لغات الشرق وأغلب لغات الغرب
الفراعنة تركوا أهرامات من حجر
الفينيقيون تركوا أهرامات من فكر
بنية عقلية بقيت تعمل حتى اليوم
ولولاهم لما كان للعالم أبجدية ولا كتابة صوتية ولا تجارة بحرية ولا خريطة متوسطية واحدة
هذه الحضارة كانت معجزة بكل معنى الكلمة
الأبجدية الفينيقية أعظم اختراع لغوي عرفته البشرية
الألف رأس ثور
البيت بيت
الجمل جمل
الدال باب
اختزال عبقري للعالم في رموز قليلة
هذه قدرة لا تقل عن بناء هرم بل تفوقه
لأن الحرف يعيش أطول من الحجر
الفينيقيون رسموا أول خريطة بحرية
قاسوا تيارات البحر
حددوا مواقع النجوم
اخترعوا أول نظام ملاحة ليلية
وصلوا إلى إسبانيا وبريطانيا وساحل إفريقيا قبل الإغريق والرومان
سمّاهم المؤرخون
سادة البحر
ليس لأنهم يملكون سفنًا فقط بل لأنهم فهموا البحر كعلم
كقوة
كطبقة روحية
بنوا مدنًا معلّقة فوق البحر ومؤمنة ضد الزلازل
هذه ليست قرى
بل هندسة بحرية متقدمة
الفينيقي لم يكن تاجرًا ولا بحارًا فقط
كان قارئًا للكون
يفهم الرمز خلف الشيء
والمعنى خلف الرمز
والنظام خلف الفوضى
لهذا كان أول من فك شفرة الوجود
شفرة الحرف
وشفرة العدد
جمع حكمة الآلهة بعلم البحر وهندسة الحرف ورياضيات الجمل وطقوس الحماية البحرية
صنع شيئًا لم تصنعه أي حضارة أخرى
جعل الروح أساس العلم
والعلم طريقًا للروح
صار الحرف عنده طاقة
والعدد وعيًا
والبحر معبدًا
والسفر طريقًا مقدسًا
لذلك لم يبن هرمًا من حجر
بل بنى هرمًا من فكر
نظامًا يعمل حتى اليوم في لغات البشر وخرائطهم وتاريخهم
والحضارة التي تغيّر الفكر
أعظم من الحضارة التي تغيّر شكل الأرض
والفينيقيون فعلوا الأولى
وفي قلب تراثهم بقيت حكمة واحدة
حكمة تشبه وشوشة بحر
وتحمل روح إيل الإله الأعلى
وتختصر علم الحرف والعدد كله
من عرف وزن الكلمة عرف طريق البحر ومن عرف عدد الحرف عرف طريق السماء









شارك!
تعليقات