جوزيف بانكس راين : رائد علم الباراسيكولوجي واستكشاف العقل البشري
في عالم مليء بالغموض والتساؤلات حول القدرات الخارقة للعقل البشري، برز جوزيف بانكس راين (J. B. Rhine) كواحد من أبرز العلماء الذين حاولوا فهم الظواهر النفسية الخارقة مثل التخاطر، الإدراك الفائق (ESP)، وتحريك الأشياء عن بعد (Psychokinesis). لم يكن مجرد باحث عادي، بل كان رائدًا في الباراسيكولوجي، وساهم في إضفاء الطابع العلمي على دراسة الظواهر غير المألوفة، ليصبح مؤسسًا لمجال جديد من العلوم النفسية.
محتوى المقال
البدايات والتكوين العلمي
وُلد جوزيف بانكس راين في 29 سبتمبر 1895 في بنسلفانيا، الولايات المتحدة. بدأ رحلته العلمية بدراسة علم النبات وحصل على الدكتوراه من جامعة شيكاغو، لكنه لم يكن مقتنعًا بأن مستقبله يكمن في هذا المجال التقليدي. كان شغوفًا بالغموض والظواهر التي لم تجد تفسيرًا علميًا مقنعًا، مما دفعه إلى التحول نحو علم النفس والتجارب النفسية، حيث التقى بالبروفيسور ويليام ماكدوغال في جامعة ديوك، الذي شجّعه على دراسة الظواهر النفسية الخارقة.
الانتقال إلى دراسة الظواهر الخارقة
بدأ راين رحلته البحثية في جامعة ديوك في أوائل الثلاثينيات، حيث أسس مختبرًا مخصصًا لدراسة الظواهر الخارقة، وهو الأول من نوعه في العالم الأكاديمي. ركّز على دراسة التخاطر، الإدراك الفائق، وتحريك الأشياء بقوة العقل، مستخدمًا منهجية علمية صارمة، على عكس المحاولات السابقة التي اعتمدت على المشاهدات غير المنهجية أو القصص المتناقلة.
التجارب الشهيرة والنتائج المثيرة
1. بطاقات زينر (Zener Cards): ابتكار ثوري في دراسة التخاطر
لإثبات وجود التخاطر، ابتكر راين بالتعاون مع زميله كارل زينر بطاقات خاصة تحتوي على رموز محددة (نجمة، دائرة، مربع، صليب، موجات). كان يتم اختيار بطاقة عشوائيًا ويُطلب من المشارك تخمين الرمز دون رؤيته، لاختبار قدرته على قراءة الأفكار أو الإدراك الفائق.
• النتائج:
• لاحظ راين أن بعض الأفراد حصلوا على نتائج أعلى من الاحتمالات العشوائية، مما دفعه للاعتقاد بأن هناك بالفعل ظواهر تتجاوز الإدراك الحسي العادي.
• لكن مع مرور الوقت، وُجهت التجارب بانتقادات حادة بسبب احتمال التلاعب أو التحيز غير المقصود في تصميم الدراسة.
2. تجارب التحريك العقلي (Psychokinesis Experiments)
اختبر راين قدرة بعض الأفراد على تحريك الأشياء بقوة العقل، مستخدمًا تقنيات مثل رمي النرد لمعرفة ما إذا كان المشاركون يمكنهم التأثير على النتائج.
• النتائج:
• في بعض الحالات، أظهرت البيانات ميلًا غير طبيعي في نتائج النرد، مما أثار تساؤلات حول تأثير العقل على المادة.
• لكن الانتقادات أشارت إلى أن النتائج لم تكن دائمًا قابلة للتكرار بنفس الدقة.
التحديات والانتقادات
رغم أن راين كان من أوائل العلماء الذين حاولوا إضفاء الطابع العلمي على دراسة الباراسيكولوجي، إلا أنه لم يسلم من الانتقادات، حيث شكك العديد من العلماء التقليديين في دقة تجاربه.
أبرز الانتقادات:
1. عدم تكرار النتائج: إحدى أهم معايير البحث العلمي هي القدرة على تكرار النتائج في تجارب أخرى، وهو ما فشل فيه العديد من أتباع راين.
2. التأثير النفسي على المشاركين: البعض اعتبر أن النتائج الإيجابية لم تكن نتيجة إدراك فائق، بل بسبب الإيحاء النفسي.
3. الاحتمالات العشوائية: قال بعض الإحصائيين إن النتائج قد تكون نتيجة الصدفة وليس ظاهرة خارقة.
لكن رغم هذه الانتقادات، استمرت أبحاثه في إلهام العديد من الباحثين، وأصبحت الأساليب التي طورها حجر الأساس لدراسات الباراسيكولوجي الحديثة.
إرثه وتأثيره على علم الباراسيكولوجي
على الرغم من الجدل الدائر حول أبحاثه، إلا أن راين نجح في وضع أسس علمية لدراسة الظواهر الخارقة، وساهم في تأسيس “مؤسسة راين للأبحاث” التي لا تزال قائمة حتى اليوم، تتابع أبحاث الإدراك الفائق وتحريك الأشياء عن بعد.
كما أن كتابه الشهير “الإدراك الفائق (Extra-Sensory Perception)”، الذي نُشر عام 1934، ظل مرجعًا مهمًا لكل من يريد استكشاف هذا المجال.
بين العلم والغموض
يُعتبر جوزيف بانكس راين شخصية مثيرة للجدل، فهو من جهة رائد علمي حاول دراسة الظواهر الخارقة بأسلوب علمي منهجي، ومن جهة أخرى، شخصية واجهت انتقادات علمية شديدة بسبب صعوبة إثبات نتائجه. لكنه بلا شك وضع حجر الأساس لدراسات الباراسيكولوجي الحديثة، وظل اسمه مرتبطًا بمحاولات فهم أعماق القدرات العقلية الغامضة التي لا يزال العلم يسعى لكشف أسرارها.
ما هو رايك في جوزيف بانكس في التعليقات هل هي حقا قصة حقيقية